جون أورورك، السفير الأوروبي في الجزائر لـ «الشعب ويكاند»:

نتقاسم مع الجزائر نفس وجهات النظر في حل النزاعات 

حوار: عزيز. ب

  نثمن دور الجزائر الإقليمي في ظل تنامي التهديدات في منطقة الساحل

  جاهزون لمرافقـة الجـزائر في التحـوّل الطاقـوي

تطرّق جون أورورك، السفير الأوروبي في الجزائر، في هذا الحوار مع «الشعب ويكاند»، إلى أهم ملفات العلاقات الجزائرية – الأوروبية، بعد 15 سنة من تطبيق اتفاق الشراكة الموقّع بين الطرفين، وفي ظل متغيّرات عرفها العالم، إلى جانب موقف البرلمان الأوروبي بخصوص وضعية حقوق الإنسان في الجزائر وما خلفه من تنديدات واسعة، مستبعدا ربط طلب الجزائر إعادة تقييم الشراكة.. لاسيما في المسائل التجارية باللائحة الأوروبية التي تبقى غير ملزمة، كما رحّب السفير بالإصرار الذي تعمل به الجزائر دبلوماسيا من أجل إيجاد مُخرجات لأزمات إقليميا على غرار ليبيا ومالي.
-  كيف تقيّمون واقع العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي؟
 العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر عميقة وقوّية ومعقدة في نفس الوقت، وهذا الأمر يجب الاعتراف به، أعتقد أن الاختلاف يكمن في طبيعة كل واحد، فعلى سبيل المثال الجزائر، تم بناؤها على أساس هوّيتها الخاصة، وهي جد مرتبطة بسيادتها في المقابل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، قرروا توحيد وتقاسم سيادتهم في إطار بناء الاتحاد الأوروبي، وهو ما يتطلب بعض التفهم بين الطرفين، الاختلاف يكمن كذلك في النمط الاقتصادي بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، لأن هذه الأخيرة ليست عضوا في المنظمة الدولية للتجارة، لكن رغم ذلك، هذا لا ينكر وجود علاقة قوّية تتطلب المزيد من التفهم.
-  صرّحتم في وقت سابق أن عملية استرجاع الأموال المهرّبة من الجزائر معقّدة. هل من توضيح؟
 في الواقع، إنها عملية معقدة تتطلب إجراء قانونيًا من جانب الدولة التي تطلب استرداد الممتلكات، مع تحديد دقيق للأصول والأشخاص المعنيين، ليس من السهل تتبع الأموال.. من ناحية أخرى ومن جانب الدول التي يطلب منها إعادة الأموال المسروقة، هناك آلية قوّية للغاية في أوروبا لاحترام الملكية الخاصة، وهذا هو سبب الحاجة إلى إجراء قانوني، يبدأ بتجميد الأصول ثم مصادرتها ثم ردّها.
- تم تعديل إجراءات الحصول على تأشيرة «شنغن»، فما هي أبرزها.. وكم عدد الجزائريين الذين تقدّموا بطلب الحصول عليها هذه السنة؟
 نظام منح التأشيرة لم يتغير بشكل أساسي. منح التأشيرات هو امتياز وطني للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حتى لوتم تنسيق الإجراء، بالنسبة لعام 2020، تم إغلاق المجال الجوي لـ «شنغن» والجزائر، لذلك كان هناك، في الواقع، تعليق لإصدار التأشيرات.. يمكن القول أنه في عام 2019، كانت الجزائر هي الجنسية السابعة في العالم من حيث عدد تأشيرات شنغن، الصادرة وعددها 374000 تأشيرة.
- كيف تقيّمون دور الجزائر الإقليمي، مع تنامي التهديدات في منطقة الساحل؟
 نثمن دور الجزائر الكبير والفعّال من خلال دبلوماسيتها النشطة في حللة الأوضاع في دول الجوار من خلال العمل على تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة سواء في ليبيا أو مالي، والابتعاد في نفس الوقت عن سياسة صبّ الزيت عن النار، فالجزائر تستنكر، مثل الاتحاد الأوروبي.
 حقيقة أن الحظر المفروض على بيع الأسلحة في ليبيا لا تحترمه جميع الأطراف الأجنبية في ليبيا، دون أن ننسى المجهودات المبذولة للجزائر في مالي، أين كانت السباقة لتوسط وربط الحوار بين الأطراف في هذا البلد، من خلال الزيارتين التي قاما بهما وزير الخارجية الجزائري صبري بوقدوم إلى باماكو في أقل من شهر، منذ بداية الأزمة، والتي أجرى خلالهما سلسلة من المحادثات حول الوضع السائد في هذا البلد، وهو ما نرحّب به.
- أثار موقف البرلمان الأوروبي بخصوص وضعية حقوق الإنسان في الجزائر الكثير من الجدل .. هل من تعليق؟
 أعتقد أنه يجب في الأول تعريف ما هو البرلمان الأوروبي، لأن سوء الفهم ساهم في إثارة هذه الضجّة، البرلمان الأوروبي هو مؤسسة مستقلة منتخبة مباشرة من الشعوب الأوروبية، ولديها مواقفها السياسية الخاصة، لوائحه علنية تمثل توصيات للمؤسسات الأوروبية، لكنها غير ملزمة.
 أريد توضيح شيء هنا هو أن البرلمان الأوروبي حينما يصدر أية لائحة فهو يتحدث باسمه، وليس باسم السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، نحن كسلطة تنفيذية، نختار تعميق العلاقات مع الجزائر والحوار في إطار الهياكل التي أنشأناها معًا، كما أريد فقط التذكير أن البرلمان الأوروبي يصدر لوائحا حول وضعية حقوق الإنسان في عدة مناطق وحتى داخل الاتحاد، وهو ما يعني أن الجزائر ليست أبدا مستهدفة، وما أصدره البرلمان الأوروبي حولها هو جزء من تصوّره للعمل الذي يقوم به.
أما بخصوص رد فعل الجزائر، فقد كانت منتظرة، فقد سبق وان احتجت الجزائر السنة الفارطة، على لائحة أصدرها البرلمان الأوروبي، وأعرف جيدا الحساسية الموجودة لدى الرأي العام الجزائري تجاه الاتحاد الأوروبي لاسيما في مثل هذه القضايا.
- هل للائحة البرلمان الأوروبي علاقة بإعادة تقييم الجزائر لاتفاق الشراكة مع الاتحاد؟
 بصراحة لا أرى أي رابط مع المسائل التجارية، فمن الطبيعي أن يأخذ البرلمان الأوروبي بعين الاعتبار موعد عقد مجلس الشراكة ويطرح رأيه، ما تم هو مسار سياسي، عمل عليه نواب يشتغلون بالسياسة، وأنا لا يمكنني التعليق عليه.
-  بعد الجدل الذي أثارته اللائحة، انعقد مجلس الشراكة بين الاتحاد والجزائر، هل من تفاصيل أكثر حول فحوى الاجتماع؟
 قبل الإجابة على السؤال، استغل هذه الفرصة لأن في بعض الأخبار المتداولة في وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة حول انسحاب الجزائر من اتفاق الشراكة الموقع بين الطرفين.
 بصراحة لم أسمع أبدا من طرف السلطات الجزائرية، أن الجزائر تريد الانسحاب رغم أنها سيدة في قرارها إن أرادت ذلك، اتفاقية الشراكة هي إطار للتعاون والأمر متروك لنا لوضع الجوهر الذي يصّب في مصلحة كل من الطرفين، صحيح هناك جانب تجاري في هذه الاتفاقية يتم إدانته في الجزائر حيث تطلب السلطات الجزائرية مراجعة بعض أحكام هذا الشق أو تعليقها مؤقتا..
أريد أيضًا أن أوّضح أن هذه القضية التجارية تسبق قرار البرلمان الأوروبي ولا نرى أي علاقة بينهما..
-  إعادة تقييم اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، بعد 15 سنة من تطبيقه.. أي مستقبل ينتظر هذا الاتفاق؟
 أعتقد أن القاعدة الأساسية في بناء العلاقات بين الدول تكمن في الجغرافيا، الاتحاد الأوروبي والجزائر جيران تربطهما علاقات تاريخية، فالاتحاد الأوروبي يعتبر الجزائر شريكا موثوقا، ونعتقد أن هناك الكثير من الإمكانات في هذه العلاقة..
العلاقات الاقتصادية تتجاوز العلاقات التجارية. والأهم من ذلك هو التكامل الاقتصادي، أي الاستثمارات التي يمكن للجزائر أن تستفيد من خلالها من خلق فرص العمل والدخل، ولكن هذا التكامل لم يحدث بعد، لمعرفة الأسباب يجب أن نتساءل مثلا، ما هو مدى استقرار الإطار القانوني للمستثمرين، ما هي إمكانياتهم في الاستئناف في النظام القانوني الجزائري... .، كل هذه الأشياء يمكن أن تسهّل أو تعرقل التكامل الاقتصادي للجزائر مع الاتحاد الأوروبي..
في مجال الطاقة، سننتقل إلى الطاقات المتجددة، وفي هذا التحوّل نريد أن نفضل الغاز على النفط ونرى تعاونًا مع الجزائر في هذا المجال، لأن الجزائر منتج رئيسي للغاز، ونعتقد أن هناك إمكانات كبيرة جدًا للطاقات المتجددة في الجزائر لتلبية احتياجاتها الخاصة واحتياجات الاتحاد الأوروبي.
فيما يتعلق بالميزانية التجارية، إذا نظرت، فإن تبادلاتنا التجارية، منذ عام 2005، متوازنة نسبيًا، بالطبع إذا إستثنينا المحروقات، فهو غير متوازن، وهذا هو التحدي الكامل للتنويع للاقتصاد الجزائري حتى يصبح منافسًا في القطاعات الأخرى ونحن مستعدون لدعم الجزائر في هذه العملية، لأنه من مصلحتنا أيضًا أن تتمتع الجزائر باقتصاد قوّي.
-  غلق المجال الجوّي بين الاتحاد الأوروبي والجزائر بسبب جائحة كورونا ساهم في عودة ظاهرة الهجرة غير الشرعية بقوّة. هل هذا الوضع يثير إنشغالكم؟
 الهجرة هي ظاهرة جزء من العولمة ومصدر للثروة والتجديد، لا ينبغي صدّها، بل يجب تبنيها ولكن بطريقة مسيطر عليها تعود بالإيجاب على بلدان المنشأ والبلدان المضيفة، ولكي يحدث هذا، يجب علينا إدارة هذه الهجرة بشكل جيد وكذلك إدارة الهجرة غير الشرعية، فكلما تمكنا من وقف الهجرة غير الشرعية، زادت قدرتنا على المضي قدمًا في الهجرة الشرعية..
-  أعلن الرئيس ترامب عن السيادة المزعومة للمغرب على الأراضي الصحراوية، مقابل التطبيع مع الكيان الصهيوني، ما هو موقف الاتحاد؟
 موقفنا واضح، الحل لا يمر عبر العنف، ونحن متمسكون بوقف إطلاق النار، نحن نريد حلا سلميا لهذه القضية تحت إشراف الأمم المتحدة، وندعو لضرورة الإسراع في تعيين مبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة حول هذه القضية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024